الحماية القانونية للطفل مجهول النسـب في التشريع الجزائري

الملخص

لقد جعلت الشريعة الإسلامية الزواج من مقدسات الحياة الاجتماعية وجعلت من النسب أهم أثاره، وحرمت العلاقات الجنسية خارج نطاق الزواج الصحيح وهذا طبعا للحفاظ على الأنساب، ولأن العلاقات غير الشرعية تخلف وراءها ضحايا لا ذنب لهم سوى أنهم ثمرة محرمة، كانت نتيجتها فقدان هويتهم وحقيقة وجودهم فأضفت عليهم صبغة مجهولي النسب. وتعتبر ظاهرة مجهولي النسب من المشكلات المتشعبة الأبعاد القانونية والاجتماعية والنفسية والدينية والتي تزداد خطورتها في المجتمع الجزائري وخاصة في الآونة الأخيرة أين أخذ الموضوع حيزاً واسعاً من الاهتمامات على جميع الأصعدة خاصة القانونية وباعتبار فئة مجهولي النسب جزء من المجتمع فواقعه لا يمكن تجاهله أو إخفاءه. فهذه الفئة من المجتمع تحتاج منذ الولادة إلى الرعاية والاهتمام إلى أن يكبر ويندمج في الحياة الاجتماعية، ولأن شعور الطفل بأنه عديم الهوية والأسرة ومحروم من والديه يخلف في نفسيته شعور بالضياع الاجتماعي والنفسي، فواقع هذه الشريحة التي تزيد عن 45 ألف شخص مجهول النسب في الجزائر لا يتمتعون بأدنى حقوقهم الاجتماعية فكان لزاماً على الدولة توفير الحماية القانونية الكافية لهؤلاء الأطفال وإيجاد الغطاء القانوني الكفيل بتسهيل اندماجهم في المجتمع هذا ما أدى إلى إثارة جدل واسع لدى رجال القانون ورجال الدين وعلماء النفس والاجتماع الذين يطالبون بالحماية الفعلية لهؤلاء. حيث أن هذه الطبقة الهشة من المجتمع لا يزال يعاني من الاحتقار والتهميش. فالمجتمع لا يمتلك قابلية للاعتراف بهذه الفئة، فهو لم يصل بعد إلى مرحلة الاعتماد على نظام القيم المؤسساتية التي تعترف بالمولود مجهول النسب كإنسان وتمنحه هوية حقوق مهما كانت طريقة ولادته وهذا ما يدعوا إليه علماء النفس والاجتماع. ونظرا لأهمية الموضوع من الناحية الإنسانية بالدرجة الأولى والقانونية بالدرجة الثانية هذا ما دفع بنا إلى دراسة الموضوع وعرضه وتحليله من خلال أجندته القانونية لمعالجة وضعية إنسانية ذات أبعاد قانونية حساسة جدا تمس فئة هشة من المجتمع هي في تزايد مستمر باحثين عن دور القانون العلاجي لهذه الوضعية التي تعتبر مشكلا يجب معالجته والتعامل معه بجدية والتكفل به من الناحية القانونية. إلا أننا واجهتنا صعوبات هي انعدام إحصائيات دقيقة تعكس تفاقم الظاهرة في المجتمع وكذا نقص الدراسات القانونية في هذا الموضوع، وارتباط الموضوع وتشعبه في شتى فروع القانون وعلم النفس والاجتماعي وكذا البعد الديني. وهذا ما جعلنا نحاول الإجابة على الإشكالية التالية فيما تتمثل الحماية القانونية للطفل مجهول النسب في التشريع الجزائري؟ ومن أجل ذلك ارتأينا أن نتبع المنهج الوصفي لوصف الظاهرة من الناحية الواقعية ومختلف المواد القانونية التي تناولت مجهول النسب، وكذا المنهج التحليلي وهذا من خلال تحليل الظاهرة المطروحة وذلك بالتطرق للتعريفات لبعض المفاهيم كالطفل ومجهول النسب والكفالة ...، وكذا الزيارات الميدانية لمديرية النشاط الاجتماعي ومركز الطفولة المسعفة بالبويرة. ولمعالجة هذه الدراسة من كل جوانبها قسمنها دراستنا للموضوع إلى فصلين، فالفصل الأول تناولنا مفهوم مجهول النسب والحقوق المقررة له وحمايته من الجرائم المختلف. والتي تناولنا في مبحثين في المبحث الأول تطرقنا إلى مفهوم مجهول النسب وحقوق المشروعة وهذا المبحث قسمناه إلى مطلبين، أما المبحث الثاني تناولنا الحماية القانونية للطفل مجهول النسب في شخصه وأمواله وهذا المبحث تناولناه في مطلبين، المطلب الأول الحماية القانونية للطفل مجهول النسب من الجرائم المختلفة والمطلب الثاني الحماية القانونية لأموال مجهول النسب. أما الفصل الثاني تناولنا آليات الحماية القانونية للطفل مجهول النسب وهذه الآليات هي الرعاية البديلة والتي تناولناها في مبحثين. ففي البحث الأول شرحنا نظام الكفالة كنظام بديل الرعاية الطفل مجهول النسب والذي قسمناه إلى مطلبين فالمطلب الأول تناولنا شروط وإجراءات الكفالة وفي المطلب الثاني آثار الكفالة على الطفل مجهول النسب والكفيل، أما المبحث الثاني خصصناه لمؤسسات الطفولة المسعفة وهو بدوره تناولناه في مطلبين المطلب الأول يتحدث عن النظام القانوني لمؤسسة الطفولة المسعفة المطلب الثاني أيضا عن تقييم نوع الخدمة التي تقدمها مؤسسـة الطفولة المسعفة