الأطفال مجهولي النسب بين الاستبعاد والاندماج الاجتماعي
الملخص
يجسد واقع حياة الأطفال مجهولي النسب مفهوم الاستبعاد القسري، بفعل عوامل ثقافية تستهجن الممارسات الجنسية خارج إطار الزواج الشرعي، إذ تبيح التقاليد إصدار حكم الإعدام على المرأة المنتهكة لقواعد العرف دون انتظار لأحكام القضاء درءاً للفضيحة. ومن هذا المنطلق، ينتاب الأم العازبة صراع بين غريزتي البقاء والأمومة. ويحسم الصراع لصالح غريزة البقاء، وتقرر أن تحافظ على الوجود البيولوجي للطفل مقابل تهميش وجودة الاجتماعي. إذ يحرم الطفل من الانتساب لأب يصونه من الضياع أو التشرد والانتماء لأسرة وعائلة يفتخر بها، وجماعة قرابية تدعمه نفسياً واجتماعياً، فيحظى بوضع اجتماعي متدني، في إطار نسق ثقافي يعلي من المكانة الموروثة المستمدة من الأصل والنسب، وتلاحقه النظرات القاسية التي تحمل في كثير من الأحيان الاحتقار والدونية لهؤلاء الأطفال باعتبارهم ثمرة علاقات جنسية غير شرعية. وأمام حالة التهميش والإقصاء التي يتعرض لها الطفل منذ بداية تكوينه جنيناً في رحم الأم وعبر سنوات العمر المختلفة، ينسحب هذا الطفل من المشاركة في المجتمع كرد فعل لذلك. وفي هذه الحالة يكون الانسحاب إرادياً بالفعل. تأسيساً على ما سبق، يظهر بجلاء أن هذه الشريحة من الأطفال في أشد الحاجة للاهتمام والرعاية، حتى لا يتعاظم لديهم الإحساس بالتهميش والإقصاء وفي هذا السياق، تجدر الإشارة للجهود التي تبذل لإدماج هؤلاء الأطفال في بنية المجتمع؛ ومنها تشجيع الأسر على احتضان هؤلاء الأطفال - الأسر البديلة -؛ وحرص الدولة والمنظمات غير الحكومية على إنشاء المؤسسات الإيوائية. وفي كثير من الأحيان، تشبع المؤسسات الإيوائية والأسر البديلة الاحتياجات البيولوجية للطفل بشكل جيد، وتجد صعوبة بالغة في التعامل مع الاحتياجات النفسية والاجتماعية له، لاسيما وأن هناك احتياجات لا يمكن إشباعها ومنها الحاجة للانتساب إلى أب، والانتماء لعائلة، وما يصاحب ذلك من الفخر والشعور بالأمن والطمأنينة وبشيء من الإيجاز، يمكن تصور الأطفال مجهولي النسب على طرفي متصل بين الاستبعاد بكل مظاهره والاندماج بأنماطه وآلياته المختلفة، وموقع الطفل على المتصل مرهون بنجاح عملية التنشئة الاجتماعية داخل الأسر البديلة أو المؤسسة الإيوانية، وبالسمات الشخصية للطفل، وبالسياق الاجتماعي العام في المجتمع الذي يجب أن يتضمن اتجاهات ايجابية نحوهم، وإزالة جميع مظاهر التمييز. وإذا لم يتم دمجهم بشكل صحيح في المجتمع، فإنهم ينتقمون من واقعهم ومجتمعهم بصور شتى أدناها العزلة وعدم التفاعل، وأعلاها الجريمة بأنماطها المختلفة وتحاول الورقة الراهنة الإجابة على تساؤل رئيس مؤداه ما مظاهر الاستبعاد التي يتعرض له الطفل مجهول النسب ؟، وما التداعيات السلبية المصاحبة لاستبعادهم من المجتمع ؟، وما آليات دمج هؤلاء الأطفال في المجتمع ؟.
التصنيفات: الاحتياجات التربية الرعاية حقوق الأيتام الإساءة
مواد ذات علاقة
عناية الشريعة باليتيم وفضل كفالته
معنى اليتيم في اللغة وتعريفة في الاصطلاح: اليتيم في اللغة: اليتم: فقدان الأب، وجمعه أيتام ويتامى، واليتم في الناس من قبل…
اقرأ المزيدالعنف المزدوج ضد الطفولة (الفتيات الصغيرات وأطفالهن الذين ولدوا من جراء ممارسة العنف) الأسباب والأثار النفسية والاجتماعية
دلت الإحصاءات أن حوالي 100 مليون امرأة في العالم تزوجن وعمرهن أقل من 18 سنة وثلهن كان العمر أقل من 15 سنة، 4،5 مليون نسمة…
اقرأ المزيدإسهامات خدمة الجماعة في الحد من مشكلات الإقصاء الاجتماعي للأيتام
إن تعرض الطفل لحالة اليتم في مرحلة ما قبل الالتحاق بالمرحلة الابتدائية أو أثنائها يعرضه لكثير من المواقف والخبرات غير العادية…
اقرأ المزيدحاجات البالغين من مجهولي النسب بعد خروجهم من المؤسسات الإيوائية للأيتام ودور الخدمة الاجتماعية في إشباعها
الشباب نصف الحاضر وكل المستقبل، والمجتمع الذي لا يهتم بشبابه مجتمع لا مستقبل له، والمجتمعات الواعية التي أدركت هذه الحقيقة…
اقرأ المزيد