استراتيجية التشبيك كمدخل لتفعيل دور جمعيات رعاية الطفولة لمواجهة العنف ضد الأطفال في عصر العولمة

الملخص


أصبح العنف الموجه ضد الأطفال من أبرز المشكلات العالمية التي لا يكاد يخلو منها مجتمع سواء وصف بالتقدم أو بالتخلف، حيث يمارس العنف ضد الأطفال بأوجه وأشكال مختلفة في عالم العولمة لتعاظم المخاطر والتحديات والصراعات غير المتكافئة بين الدول وشمولها كافة المجالات الاجتماعية والاقتصادية والسياسية والدينية ... الداخلية والخارجية فانتشر العنف في المجتمعات التي ينمو الأطفال فيها إلى أن أصبح جزءاً من المعايير الثقافية والمجتمعية التي تصنع بيئة الطفل، تلك المعايير التي يكون الأطفال هم في الغالب أولى ضحاياها فهي لا تحمي ولا تحترم أمن واستقرار وحرية البالغ والطفل. ويتعرض الأطفال للعنف في البيت وداخل أسرهم حيث يأتي في أغلب الأحيان من جانب الأفراد المسئولين عن حمايتهم والحفاظ على سلامتهم. وقد يوجد في المدارس والمؤسسات العامة والملاجئ وغيرها من نزل الرعاية المقيمة، وقد يمارس العنف ضد الأطفال في الشوارع، كما أن قدرا كبيراً من العنف الموجه ضد الأطفال مستتر فلا يملك الأطفال القدرة على الإبلاغ عن أعمال العنف خشية التعرض للعقاب من مرتكب العنف ضدهم. وفي حالات تعرض الأطفال للانتهاكات البدنية فإن مرتكبي هذه الانتهاكات قد يفلتون من العقاب بسبب السكوت عنها والتقاعس في اتخاذ إجراءات حيالها، فكثيراً من الشكاوى التي تأتي من الأطفال لا تؤخذ على محمل الجد لكونها مقدمة من أطفال!! وحتى عندما يتم بحث بعض هذه الشكاوى فنادراً ما يتم التحقيق مع مرتكبيها أو تحريك الدعوة الجنائية ضدهم. ويؤدي العنف ضد الأطفال إلى تداعيات خطيرة بالنسبة لتنمية الأطفال، فقد يؤدي في أسوأ الحالات إلى الوفاة أو الإصابة بعاهات دائمة، كما أنه يؤثر عامة على صحة الأطفال وقدرتهم على النمو والتعلم، وقد يؤدي بالأطفال إلى الهروب من البيت وعدم استعدادهم للذهاب إلى المدرسة والرغبة في التعلم والتفوق، مما يعرضهم إلى مزيد من المخاطر. كما أن العنف يدمر الثقة بالنفس لدى الأطفال ويقوض من قدرتهم على أن يصبحوا آباء جيدين في المستقبل، ويواجه الأطفال الذين يتعرضون للعنف خطراً كبيراً من التعرض للاكتئاب والانتحار في وقت لاحق من الحياة. وإذا افترضنا أن مستوى احترام الحقوق الإنسانية للأطفال هو وسيلة لقياس مدى صحة المجتمع، فأول حقوق الأطفال هو الحق في توفير الوقاية والحماية والنمو في جو عائلي محب وآمن يضمن نموهم الجسدي والنفسي والروحي والاجتماعي، والقضاء على أشكال العنف الموجه ضدهم في ضوء استراتيجية مجتمعية قائمة على أسس علمية، لتوفير الدعم الملموس للأسر لتمكينها من الاضطلاع الكامل بمسؤولياتها تجاه أطفالها وتوفير الحماية لهم، وكذلك تقديم المشورة المهنية للأسر والقيام بالجهود المتسقة عبر مؤسسات المجتمع الحكومية والأهلية للقضاء على العنف ضد الأطفال. هذا وقد أصبحت ظاهرة العنف ضد الأطفال في عصر العولمة تحظى باهتمام المجتمع الدولي ومنظمات المجتمع المدني المعنية بحقوق الإنسان، وترتبط خطط المواجهة بالقواعد والاتفاقيات الدولية التي بدأت تفرض نفسها على كافة المعاملات والسلوكيات الإنسانية والاجتماعية، ففي ظل متغيرات العولمة أصبحت الدول المختلفة جزءاً من المنظومة الكلية للمجتمع الدولي، فعندما تتناول أي دولة مشكلة العنف ضد الأطفال على المستوى القومي والمحلي بداخلها فإنها تضع الحلول المقترحة وسبل مواجهتها في ضوء الالتزام بالمعايير الدولية التي تحمي الأطفال ونصوص المعاهدات والاتفاقيات الدولية التي اعتمدتها الدول المختلفة في ذلك، فلقد ارتبط بعصر العولمة وجود منظمات حقوق الإنسان وغيرها من المنظمات الطوعية التي سخرتها العولمة لرصد تجاوزات الدول والمجتمعات التي لا تلتزم بنصوص المعاهدات والاتفاقيات الدولية التي اعتمدتها طواعية. وتنص اتفاقية حقوق الطفل، التي صادقت عليها كل دول العالم تقريباً حيث وافق عليها حتى الآن (١٩١ دولة)، على إلزام الحكومات بحماية الأطفال من كل أشكال العنف المادي والمعنوي، كما تحميه الاتفاقية من كافة أشكال التمييز ومن الحرمان من الحرية ومن الاشتراك في الحروب ومن التعذيب والمعاملة التعسفية والعقوبة القاسية ومن عقوبة الإعدام والسجن مدى الحياة ومن كافة أشكال العنف والإهمال ... إلا أن ملايين الأطفال ما زالوا يعانون من العنف والإيذاء، حيث جاء تقرير الأمم المتحدة الأخير حول أوضاع الأطفال في العالم معبراً عن المستوى المتدهور عالميا للأطفال والعنف الموجه ضدهم. وفي هذا الإطار ستعالج الدراسة الحالية العديد من القضايا المتعلقة بمواجهة العنف ضد الأطفال في عصر العولمة حيث تهدف إلى إلقاء الضوء على أشكال العنف ضد الأطفال في ضوء التحديات التي يفرضها عصر العولمة، والتعرف على الجهود المبذولة لعولمة العنف ضد الأطفال والتعرف على مفهوم وحجم العنف الموجه ضد الأطفال في ضوء بعض التقارير الدولية وتحديد أسباب وأشكال العنف ضد الأطفال، ثم التعرف على أساليب مواجهة العنف ضد الأطفال، ودور جمعيات رعاية الطفولة في مواجهه العنف ضد الأطفال، وتحديد مفهوم استراتيجية التشبيك وكيفية تطبيقها لتفعيل دور جمعيات رعاية الطفولة في مواجهة العنف ضد الأطفال. والأخذ بالجديد وتنظيم الأعمال بشكل علمي في ضوء الانفتاح محليا ودوليا وبما يخدم قضايا الطفولة.



وجدي بركات | الناشر: الجمعية البحرينية لتنمية الطفولة 103 |
التصنيفات: التربية الصحة النفسية الصحة الرعاية حقوق الأيتام الانتهاكات


مواد ذات علاقة

دور مراكز الطفولة المسعفة في تكييف بعض سمات شخصية الطفل والطفلة المسعفين– دراسة ميدانية ببعض مراكز الطفولة المسعفة ببلدية سطيف-.

هدفت الدراسة الحالية إلى معرفة دور مراكز الطفولة المسعفة في تكييف بعض سمات شخصية الطفل والطفلة المسعفين، استخدم فيها المنهج…

اقرأ المزيد

التدخل المهني للخدمة الاجتماعية للحد من المشكلات التي تواجه الأيتام

تهدف تلك الورقة إلى تسليط الضوء حول الرعاية الاجتماعية للطفل اليتيم وأهم المشكلات التي تواجه الأمهات البديلات في العمل مع…

اقرأ المزيد

أساليب مقدمي الرعاية كمنبئات ببعض المشكلات السلوكية لدى الأطفال اليتامى ذوي الإعاقة الفكرية البسيطة

يهدف البحث إلى التحقق من أساليب معاملة مقدمي الرعاية كمنبئات ببعض المشكلات السلوكية (العدوان - العناد - الانسحاب الاجتماعي)…

اقرأ المزيد

مستوى تقدير الذات لدى المراهق مجهول النسب المكفول في أسرة بديلة دراسة حالة لـمراهقين مكفولين

يهدف البحث الحالي لمعرفة مستوى تقدير الذات لدى المراهق مجهول النسب والمكفول في أسر بديلة، ومحاولة الإجابة عن التساؤلات التالية…

اقرأ المزيد